مرحبا أخواتي
هل
سألتي نفسك يوماً ما الفرق عندما تســـــمعي و
تســــــتمعي ؟
هناك
فرق كبير بين "السمع"
و"الاستماع"
و"الإصغاء" و"الإنصات"؟
فــ "السمع" حاسة التقاط الصوت عفوياً بدون قصد المستمع
" مثل سماعك صوت موسيقى تنبعث من السيارة بقربك"
.
أما
"الاستماع" ففعل
يقصد منه استراق السمع وتمييزه
جيداً
"كأن تفتح نافذة سيارتك كي تستمع للموسيقى
السابقة"
وفي حال أعجبك
الصوت ستدخل مرحلة "الإصغاء" حيث التركيز
وتفاعل
القلب والمشاعر
أما
"الإنصات" فشرط
للإصغاء الجيد يتطلب إلغاء
الضوضاء وإسكات بقية الأصوات
"كأن
تطلب من الأطفال السكوت حتى تستمع بشكل
أفضل"!
... وهذه الحالات
الأربع فرق بينها القرآن بطريقة بليغة
ودقيقة ومناسبة
للموقف
... فحالة السمع العفوي مثالها
"وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه "
وحالة
الاستماع
بقصد
" وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون
القرآن"
أما الإصغاء التام
فمثاله
"وإن تتوبا إلى
الله فقد صغت قلوبكما"
أما
طلب الصمت بغرض الاستماع والإصغاء فمثاله
" وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم
ترحمون"!
... وإذا تأملنا
هذه الحالات الأربع نجد أن "السمع" هو
الحالة
العفوية الوحيدة بينها
كون ذبذبات الصوت تدخل أذنك
بلا استئذان وتهز
طبلتك بلا مقدمات..
أما
الحالات الثلاث المتبقية فأفعال إرادية مقصودة يمكن
التحكم
بها أو كسر ترتيبها
" بإغلاق
نافذة السيارة مثلاً
"..
...
ومما يدهش بحق هو أن الكفيف تغلب عليه حالة "الإصغاء" ويصبح
لديه
"الاستماع" حالة عفوية دائمة (بعكس المبصر الذي
يبقى في
دائرة
الاختيار)..
بل يمكن القول إن الكفيف تتطور
لديه حاسة السمع بمرور
الزمن (وتتحول
إلى إصغاء مستمر) فيرى من خلال الصوت
مالا
يراه معظم البشر..
.. ويكمن السر هنا في أن حاسة
الإبصار تشترك مع حاسة
السمع في تقديم صورة مجسمة لما
يحدث حولنا.
ولكن حين تختفي حاسة الإبصار -
بمجرد
إغماض العينين - يتحمل السمع كامل العبء ويستعين بالخيال لتعويض فقد
البصر..
وتستطيعين
التأكد من هذه الحقيقة بنفسك إن أغلقت عينيك في شارع مزدحم
وحاولت
(الإنصات) لحركة السيارات والمارة فيه.. ففي هذه الحالة لن تسمعين فقط
بشكل
أفضل؛ بل سيتدخل خيالك ليعطيك صورة أعمق لما
يجري حولك..
وحين يصبح إغماض
العينين
قدراً دائماً (لدى الأعمى) تتطور لديه حالة
الإصغاء
لدرجة قدرته على تحديد وجهات الصوت وحركة السيارات ومعرفة الأشخاص من وقع
أقدامهم..
وبمرور
الزمن يتمكن الكفيف فعليا من (رؤية) ما حوله من خلال مزج الصوت
بالخيال،
والإصغاء بالخبرة..
وهذا المزيج الرائع يفسر كيف
أن أشهر
"بيت"
في وصف الحرب قاله
شاعر أعمى لم يشاهد معركة في حياته:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا
وأسيافنا
ليل تهاوى
كواكبه
"لبشار بن بُرد، ومثار النقع العاصفة
الهوجاء"..
وحين يغلب على
الشاعر المبصر كثرة الإغماض والتخيل لا
يعجز عن
إبداع بيت مماثل :
فادنُ
مني وخذ إليك
حناني
ثم
أغمض عينيك حتى تراني
" للشاعر
اللبناني جورج جرداق"
-
أيتها الغاليات لنتعلم كيف نغمض أعيننا
ونرى العالم
بشكل مختلف.. !!!!